عيون تطوان
المدينة العتيقة
المدينة العتيقة
دوارة الفدان الجميل الأصيل....!!!!
بقلم ذ / محمد السراج
من الذكريات الجميلة التي لازالت محفورة بذهني وكنا نشاهدها بالفدان يوميا هو السي المفضل الحساني الاشعت صاحب القشابة الشهباء صيفا وشتاء وكنت تنظر اليه من بعيد فتظنه موسخا به روائح كريهة لكن لما تقترب منه تتفاجأ بجمال منظره وهيبة وقشعريرة تأخذك من شخصيته. كنا نتسابق لتقبيل يده اسوة بالكبار. لكن كان ينهرنا ويقول"ها..ها..ها هذه لغته الوحيدة كان يجلس قرب أصحاب الرندة ويأخذ الكارطا ويفعل حركات ثم يرميها وسطهم.الكل كان يهابه ويخاف وتروى عنه عشرات القصص الغريبة لكن الكل كان يجمع أنه كان " وليا من أولياء الله. كان السي المفضل يقضي النهار كله بالفدان وبعد العشاء كان يقصد جامع لوقش بالغرصة الكبيرة يبيت في بهوها عار القدمين والقفا والكتف. وفي دورةاالفدان كنا نتحسس رجلا خبيثا ليس بالمجنون ولا بالعاقل و كنا نزيده جنونا وحمقا بندائنا عليه "آآآآآجباااان كلبان. آآآآآجبان" ينطلق وراءنا وتلك كانت غايتنا وفرحتنا كنا نحترس من الحجرات التي كان يضرب بها علينا..كنت اترك محفظتي الجلدية عند القهواجي بنعيسى أشهر مقهى بالفدان مجاور لصانع الاسنان ذي الدرج الواقف .ولأن أبي كان يعشق كأس شاي بنعيسى فهناك كان يجتمع"المنفحيون" ليتناقشوا في "أحسن واحد عنده طابا كدواخ" وتارة كنت أسترق السمع الى أبي وأصدقائه بالمقهى بين العصر والمغرب وهم يحللون قضايا سياسية لم أتذكرشيئا من ذلك الا كلامهم على الزعيم المصري الراحل "جمال عبد الناصر" و"هزيمته لليهود وغيرذلك... وكلامهم "المعلم قال"والمعلم سيفعل ولما كبرت علمت أنهم كانوا يقصدون ب"المعلم"الراحل الملك الحسن الثاني. خوفا من "شكامة العمالة " كل مساء كان يخرج من دروب الملاح رجل وسيم الملمح والمحيا على رأسه عمامة "تسمى"الشرقاوية" كان أنيقا في مظهره تبدو من بين اسنانه "ناب"-قاطع"ذهبي" كان الرجل يمشي ويصيح "يحيا النسا.....يحيا النسا....الله اعز حكام النسا"" وعبارات أخرى . كنا نتحلق حوله .لم نكن نعلم من هو. ولم نكن ندرك أكان مجنونا أحمق أم كان عاقلا.. الرجال تزيد ه هيجانا وينادونه"يحيا النسا"أما النسوة فكن يضحكن من تحت السبنية واللثام لأن القب فاسي هو لباس المرأة التطوانية الأنيق ..وأذكر أنني كنت أتمنى ان أرافق أمي لشراء سبنية اللثام هذه من نسوة سوق الحوت القديم...علمت فيما بعد ان" يحيا النسا "هذا كان صانعا ماهرا ل"الشربيل الفضي الفاسي"و حسب الرواة أن امراة تطوانية مترملة أغرمت بهذاالرجل وتوسلته أن يطلق زوجته الغمارية ابنة بلده ويتزوجها لكنه أبى ورفض. ويقال أن الرجل ينحدر من قبيلة بني سلمان احدى القبائل السبع بغمارة - . فلما رفض طلبها وضعت له "سحرا" وهو الطيش فكره صنعته .وأصبح مشردا بعد أن هجرته زوجته. ومن غريب الصدف العجيبة أنني تعرفت على هذا الرجل الذي لقب ب"يحيا النسا" في الثمانينيات لما دار به الزمن وجاء ليعيش في الخيرية بالوسعة.حاولت مرارا ان أفهم ماذا كان يقصد ب"يحيا النسا" كان يبتسم فقط.. وأظن أنه كان قد فقد الذاكرة أوأنه كان يحاول أن ينىسي أويتناسى المآسي التي حصلت له في حياته......
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق